جولة مذهلة في مركز التحسس النائي (ناسا العراق) قام بها مدون عراقي

رائد الفضاء العراقي فريد لفتة خلال التدريبات على السباحة في الفضاء
التدريب الصيفي من ضمن متطلبات التخرج لذا أرسلتني الجامعة الى دائرة بحوث الفضاء -ناسا العراق- مركز التحسس النائي، التابعة لوزارة العلوم والتكنلوجيا العراقية من اجل التدريب.
أسعدني هذا لأن الدائرة قريبة مني فهي في حي العامرية ولكن الدخول الى العامرية اصعب من دخول المنطقة الخضراء حيث يتوجب على اهالي الحي ابراز بطاقة السكن للسماح لهم بالدخول والمواطن الغريب الآتي من مكان آخر عليه ان يبين سبب مجيئه ويترك هويته عند السيطرة في مدخل العامرية بعد تفتيشه وعندما يخرج يستلم الهوية إذا لم يحدث حادث وقت تواجده في العامرية!
ذهبت الى مدخل شارع المنظمة حيث يقع مقر الدائرة ومنعني الجيش من دخول العامرية لأن سيطرة المنظمة توقفت عن عملية استلام الهويات منذ فترة وتحول الداخلين الى العامرية من غير سكانها الى سيطرة شارع العمل الشعبي حيث يستلمون الهويات فأبلغوني بوجوب دخولي من هناك ذهبت سيراً الى مدخل العمل الشعبي ، وهناك التقيت بالجندي الذي يستلم الهويات وكان يتناول الفطور قشطة KDD وسألني وين؟ فقلت له الى مركز بحوث الفضاء فقال شكو بالفضاء؟ فأجبته نجوم واستمر التحشيش العراقي المشهور بيني وبينه الى ان استلم الهوية وتركني ادخل العامرية واضطررت الى تأجير تكسي لأن الدائرة اصبحت بعيدة.
الشارع مسدود بكتل كونكريتية فنزلت ومشيت ووصلت الى البناية عبارة عن جملونات وشرطة حماية المنشآت مشمرين عند الباب دخلت الى الاستعلامات لا يوجد سوى الشرطة سألوني؟ قلت لهم تدريب صيفي من الجامعة فقالوا اين الكتاب؟ فقلت ارسلته الوزارة الى هذه الدائرة فقالوا لا يمكننا ادخالك الى اذا اريتنا الكتاب فقلت ان الكتاب داخل دائرتكم انتم ادخلوا وشوفوا الكتاب فقالوا ليس لدينا صلاحيات بالدخول. وبعد نقاش عقيم اردت الخروج فقالو ألا تعرف أحد من الموظفين فقلت بلى أبو فلان بمنطقتنا فقالوا ها لعد جيب موبايلك وادخل! هكذا دون ان يسألوا ابو فلان عني ولا يتأكدوا من شيء.
انا الان دون هوية ودون موبايل دخلت اتجول ولا اعلم اين اذهب ولكن الفراش والفراشة ارشدوني الى بناية الإدارية التي تشبه المدرسة ومن غرفة الى غرفة ومدير وتوقيع وطباعة وانا اجلس على كرسي مكسور واسمع نقاشات بين الموظفين ويعدد احدهم دوائر الوزارة وهي: الفضاء والكوارث والزلازل والطيران والفلك الخ.. يقول اسماء كثيرة وكبيرة ولا يوجد اي عمل او فائدة منها عكس ما كان سابقاً حينما كانت دائرة واحدة (منظمة الطاقة الذرية) والعمل والانتاج كثير ومفيد.
ثم أتى ابو الحسابات وابلغ الموظف ان جميع موظفي مركز التحسس النائي تم تسجيلهم غياب وقطع من راتبهم لأنهم لم يبلغوه انهم ذاهبون الى دورة في وزارة العلوم في الجادرية.
وقلت في نفسي ان هذه البناية مهملة لأنها ادارية الآن سأذهب الى مركز التحسس النائي وأشاهد الاجهزة الحديثة والاقمار الصناعية والمكوك هابل! بعدها اصطحبني الموظف الاداري الى بناية تضم عدة مراكز حساسة ووقف بي أمام باب مركز التحسس النائي دون ان يلمسه ونظر الى قفل اسفل الباب وقال يبدو ان الدكتور قد خرج. ثم ذهب يسأل الموظفين في بقية الغرف فأكدوا له خروج الدكتور. فعاد وأخبرني ان انتظر الدكتور هنا واسلمه كتاب مباشرتي بيده وذهب. وبقيت انتظر وانظر الى الباب الخشبي للمركز والقفل دون ان أجرأ على لمسه لأني رأيت الموظف لم يلمسه.
ثم قلت هي فرصة لأتعرف على الدائرة تجولت فلم ارى شيء يثير الانتباه ويدل على الفضاء سوى نموذج كإنه من البورك السيراميك الابيض على شكل صحن لاقط موضوع داخل صندوق زجاجي في مركز الدائرة. فتوجهت الى سبورة منشور عليها اخبار واعلانات فقرأت عاجل ومهم بأمر السيد الوزير تغلق السجلات في الساعة السابعة والنصف صباحاً وتفتح الواحدة والنصف فظننت انها سجلات رصد الفضاء او الزلازل، ولكن تبين انها سجلات تواقيع الحضور للموظفين حيث ان الدوام اصبح من السابعة بعد قرار اجتثاث التوقيت الصيفي!
اردت استغلال الوقت فبحثت عن استنساخ لأستنسخ كتاب مباشرتي فوجدت موظفاً فأخبرني ان الاستنساخ فاتح جداً ولا يوجد غيره في الدائرة فاستنسخه ولا يكاد يبين شي من الكتاب. رجعت الى باب التحسس انتظر واشاهد الفراشة تبيع فلافل والموظفين يأكلون فجأة نزل موظف من الدرج وطلب منها قنينة (بطل) ماء فدخلت المطبخ وأعطته واحدة لكنه رفضها لأن مائها حار فقالت له انتظر ثم توجهت نحوي وفتحت باب التحسس فإذا به مفتوح والقفل كان وهمي! وخرجت تحمل 3 قناني ماء بارد مجرش فسألتها هل الدكتور هنا؟ قالت اي. فدخلت وشاهدت الثلاجة التي تبيع منها الماء وغرفة بسيطة خالية سوى من بعض الحاسبات المنضدية العادية وغرفة جانبية صغيرة دخلت فيها فوجدت موظف على مكتب بسيط وموظفة يشاهدون التلفزيون فظنت انه سكرتير الدكتور فتبين انه هو الدكتور نفسه فسلمته الكتاب فقال على ماذا ادربك؟ ثم اتصل بالادارية واخبرهم: "ان جميع الموظفين ذهبوا في دورة وزارة العلوم في الجادرية وتركوني وحدي مثل ساري العبد الله شايف بالله قسم كله يروح دورة؟"
ثم قال لي: عود تعال اسبوع الجاي من يداومون وعود اعلمك على الحاسبة! ثم قال لي انت تريد تدريب صدك لو كلاوات؟ فقلت له أصلاً انتو ما عدكم شغل علمود ادربوني فخليني على الكلاوات احسن.
استغليت انشغاله بالحديث بالتلفون والتفت الى التلفزيون وكان يشاهد برنامج أوبرا. خرجت فاستلمت الموبايل من الاستعلامات ثم بالتكسي الى سيطرة العمل الشعبي لاستلام الهوية ولم أعد مرة اخرى إلا بعد مرور شهرين وهي كل مدة الدورة! لكنهم ساعدوني مشكورين وأنجزت المهمة واستلمت الكتاب وقرأت فيه عبارة فهمت منها ان "التحسس النائي تعني الاستشعار عن بعد.
هذه قصتي مع ناسا العراق التي طالما حلمت ان ادخلها واتدرب او اعمل فيها ولكني تأكدت ان العراق يسير بقدرة قادر وان التحسس النائي ناءٍ جداً.

3 تعليقات

  1. هذه المقالة و على الرغم من الأحباط الذي ذكرتني به الا انها من اجمل ما قرأت خلال هذا الشهر ..
    اتمنى ان اقرأ المقالة الفضائية التالية و التي تزف خبر الصعود العراقي الى الفضاء قبل ان اموت بالشيخوخه او بالعبوات اللاصقة .. تحياتي

    ردحذف
  2. يوم امس رأيت على تويتر خبر تبليط شارع في كربلاء بطول 2 كيلومتر خلال 4 سنوات
    والناس تحمل لافتة مكتوب عليها كربلاء تحطم الرقم القياسي
    تخيل كم سنستغرق للوصول للفضاء!

    ردحذف
  3. هههههه مقالة رائعة

    ردحذف
أحدث أقدم