ناشطون وخبراء: تـقييد الانترنت بعبارات اخلاقية وأمنية سيصادر حرية استخدامه


المدى / مؤيد الطيب
قال ناشطون مدنيون ان على الحكومة ان تتذكر ان معايير الشرف لا تنحصر بالسلوك الجنسي حين تعتزم تشريع قانون يبدأ بتقييد استخدام شبكة الانترنت في العراق، بذريعة حجب "المواقع الاباحية"، مستذكرين ان البلاد تخضع لمافيات متنفذة في مختلف مجالات الفساد المالي والاداري، بينما حذر خبراء من ان ربط خدمة المعلومات الدولية بالحكومة المتلكئة، سيسبب خسائر كبيرة للمستخدم الحريص على الوصول الى احدث المعلومات بأسرع الطرق.
وغادرت كتلتا العراقية والتحالف الكردستاني صباح الاثنين، قاعة البرلمان احتجاجا على قانون الاتصالات والمعلوماتية الذي يفرض حسب لجنة الثقافة والاعلام، قيودا على استخدام الانترنت وعقوبات لمن يتصفح مواقع عديدة منها المواقع الاباحية، فضلا عن سماحه بالتجسس على الاتصالات الهاتفية بمبررات "الامن القومي".


وحظي العراقيون بحريات واسعة في مجال استخدام الانترنت، فعلى عكس السعودية وايران وبعض دول المنطقة، لم تتمكن الحكومة من تقييد او حجب المواقع التي تعارض سياساتها او توجهات احزابها الايديولوجية. لكن الحكومة تعتزم وضع حزمة ضوابط تبدو مقلقة للمعنيين الى جانب تشريعات اخرى تعرف بقانون جرائم المعلوماتية تتضمن عقوبات تصل الى الحبس المؤبد لمن اتهم باستخدام شبكة الانترنت للنيل من "سمعة الدولة او الاضرار بالنظام العام".
وقال الناشطون ان اي محاولة لتقييد حرية متصفح الانترنت "ستظل بدائية جدا في زمن العولمة المتقدمة"، واوضح رئيس منظمة حمورابي لحقوق الإنسان ويليم وردا إن مشروع قانون الإتصالات والمعلوماتية "سيقيّد الحريات بلا شك".
وأكد وردا في اتصال مع "المدى" إن قانون الحكومة المطروح في البرلمان "لا يوجد فيه وضوح كاف لفهم الضوابط التي تترتب عليها عقوبات تريد الحكومة فرضها على من يسيء خاصة لأمن الدولة العام أو سمعتها، هذه معايير فضفاضة يمكن تأويلها بطريقة تسمح للحكومة أن تفرض عقوبات على أي شخص يضر بمصالح شخصياتها النافذة".
وأضاف وردا إن "من الضروري أن تحدد وتشخص هذه القضايا فربما تعتبر صورة امرأة سافرة من وجهة نظر الحكومة، صورة إباحية، وبذلك سيكون تقييد الحرية متصلا بعقلية الحكومة ونظرتها الخاصة للأشياء" مشددا على ان المجتمع المدني "يرفض تمرير ذوق النخب الحاكمة على المواطنين، كما يجب أن تعرف الحكومة إن معايير الشرف لا تتلخص بالجنس فقط، وإن سرقة أموال الشعب حرام ايضا وليس فقط المواقع الإباحية التي تريد أن تتحجج بها الحكومة لتقييد حرية المواطن".
وأشار وردا إلى إن "ما تفعله الحكومة في فرض قوانينها على المواطن هو "طريقة قديمة وبدائية، ولا تنسجم مع طموح المواطنين في أن يعيشوا زمن التطور والتقدم التكنولوجي، ولا تستطيع الحكومة أن تتحكم بحرية الشعب خاصة ونحن نعيش في زمن العولمة ونرجع للوراء لكي نواكب التطور العالمي".
من جانبه أكد رئيس المركز القانوني للدراسات والإصلاح المدني أياد محسن إن "هذا القانون من القوانين التي كنا ننتظرها من أجل تنظيم وسائل الإتصال والمعلوماتية، لكنه بهذا الشكل المطروح للمناقشة في البرلمان سيمس القانون بالحريات المدنية للمواطن، ويفرض سيطرة أجهزة الدولة على تصرفات المواطنين واتصالاتهم سواء من خلال الإنترنت أو الهاتف، ويقوم بتقنين نشاط التواصل وقد يقيد حرية الإطلاع والحصول على المعلومة ويتدخل بشكل مباشر بالحريات الشخصية".
وأضاف محسن في حديث لـ"المدى" إن "الفائدة من التقنية كبيرة جداً لدى مجتمعنا قياساً بالمردودات السلبية، ولا يمكن للحكومة أن تكون وصية على أخلاق المواطن بقدر ما يكون هو الوصي أو انه سيخضع سلفا للرقابة الأبوية والأسرية"، أما "أخلاقيات الحكومة" فيمكن ان تجعل الشعب يفقد هامش الحرية الذي اتيح له بعد سقوط النظام السابق، على حد تعبيره.
وفي السياق نفسه أكد خبير الإنترنت والمعلوماتية المهندس أنس مالك إن مشروع القانون المطروح للمناقشة في مجلس النواب "خاطئ وتحاول الحكومة من خلاله تقييد حرية الإنترنت وربط شبكة الإنترنت بالحكومة ودوائرها المسؤولة أو الدوائر الإستخبارية، وهذا الأمر غير مقبول اذ في الدول الحديثة تبقى شبكة الإنترنت مستقلة عن أي جهة حكومية".
وأضاف مالك في تصريح لـ"المدى" إن "التطور الكبير في تقنية منظومة الانترنت يجعل عملية السيطرة عليه شبه مستحيلة، ومهما حاولت الحكومة أن تتحكم فيه فلن تقدر على ذلك، بالإضافة إلى إن المسألة تحتاج من الحكومة أن تصرف أموالا بميزانية مفتوحةً، لأنها كلما حاولت أن تسيطر على الشبكة فسيكون هناك من يطور برامج لاختراقها، وتستمر العملية هكذا بلا نهاية".

إرسال تعليق

أحدث أقدم