"التدوين في العراق" كلمة أُلقيت في احتفالية اليوم العالمي لحرية الصحافة في بغداد


الاتجاه نحو التدوين.. خطوات تفرضها المرحلة
مازن الياسري
صحفي ومدون عراقي
بغداد 3 ايار 2011 اليوم العالمي لحرية الصحافة

شخصيا كنت انظر لملف التدوين في العراق وخاصة الاحترافي منه، وحتى قبيل عام مضى، بأن مستقبله بالعراق سيكون محدوداً، معتمداً على الفورة والوفرة بوسائل حرية التعبير.. بعيد التغيير الذي جرى في العراق بأعقاب نيسان 2003، من نمو في كم ونوع الفضائيات والقنوات المحلية والإذاعات والصحف والمجلات والمطبوعات باختلاف وتيرة الصدور بين اليومية والأسبوعية والشهرية والفصلية.. فضلاً عن كم لا محدود او معدود من مواقع الانترنيت التي وضعت على عاتقها نشر المقالات والآراء والتعليقات.. لتطور لاحقاً لاستيعاب الوسائط المتنوعة للخبر الالكتروني من ملفات فيديو وصور ومقاطع صوتية وملفات نصية و(Heber links) ودالات البحث والارتباط المختلفة.
 وجاء الحث الصريح على حجب بعض مواقع الانترنيت وبعبارات عامة ومطاطية.. كتعبير (حجب المواقع التي لا تنسجم مع ثقافة المجتمع العراقي).. وكذلك الدعوة لإعادة الرقابة على المطبوعات وتدقيق الكتب القادمة من الخارج.. فضلاً عن القيام بإغلاق مكاتب بعض الفضائيات.. والتوجه الحكومي بتبويب استقبال الانترنيت لمزودي الخدمة في البلاد للتحكم بالمواقع المتصفحة.
بعبارة أدق.. إن حرية التعبير في العراق مهددة.. ولا ضمان لها سوى حريتها، ولا إبراز لنجاحها سوى بمهنية مستخدميها.
وبالعودة لملف التدوين وهو الملف الأكثر حرية والأصعب احتوائاً.. أصبحت أجد إن المستقبل العراقي في ضوء تنامي ظواهر تقليم الأظافر الإعلامية.. لن ينسجم سوى مع التدوين الصحفي عبر وسائل الإعلام الجديد (new media)، وبطبيعة الحال ترسخت القناعة لدي بأن الصحافة على حاجتها للمهنية فهي بحاجة للمعرفة الاحترافية بالتدوين.. كما إن عناصر الصحفي المحترف من مصداقية وواقعية وقيمة للمادة المقدمة.. من الممكن استخدامها بإضافة العناصر والمزايا والوسائط التي تقدمها الطرائق الإعلامية الجديدة نحو خلق إعلام لا أجده مستقبلي فقط.. ولكني أجده أكثر شمولية بالتأثير بالمتلقي وبكسب ثقته.. على عكس الرأي الكلاسيكي الذي يحذر من عشوائية الاستخدام الإخباري للانترنيت.
إنها حالة من إعادة لتركيب الجمل الكلاسيكية.. فالتدوين لم يعد جديراً بأن يوصف بجملة (منبر من لا منبر له) فهو أيضاً وانسجاماً مع متغيرات المرحلة (منبر لمن له ومن ليس له) انه تكامل بحاجة لمهنية وحرفنة صحفية وتقنية.
يرى البعض ان استخدام الانترنيت كوسيلة للصحافة عبر نشر الأخبار او إجراء اللقاءات او عمل استطلاعات الرأي او التحقيقات.. او حتى تبادل التعليقات حول حدث ما.. ربما ساهم في إحداث حالة من التشعب بالعمل الصحفي وخلق جيل لا صحفي او ربما خلق صحافة هجينة غير منضبطة، وبطبيعة الحال فهذه الآراء المتشائمة تنظر للموضوع بعين واحدة.. هي عين التطفل والعشوائية على مهنة الصحافة.. وهي لا تخلو من الحقيقة أحيانا، إلا إن فتح العين الثانية (الغير متشائمة) ومحاولة الإبصار بزاوية نظر أوسع.. والتجلي نحو استشفاف ما بين السطور سبين لنا وبوضوح لا يقبل الجدل بأن التدوين الالكتروني المعاصر والذي يسعى للعب دور الإعلام يقدم مزايا كبيرة من ضمنها توسعة رقعة وصول المعلومة وتوسعة حجم الشريحة المستهدفة.. كما وان الصحفي المحترف قادر أن يتطور بنيوياً نحو قمة الأداء المهني بأستثمار الوسائل والمزايا التي تقدمها وسائل الإعلام الجديد خاصة الاجتماعية منها.
أما المدون الغير صحفي فسيكون بحاجة جادة للتعلم واكتساب المهنية والموضوعية.. وحمل مزايا العناصرية الصحفية للتكوين.. لكي يستطيع المطاولة.. على افتراض ان المنافسة على لغة التسويق ستعمل على طرد السيئ وجذب الجيد.. إذن نحن أمام مشروع تنموي تنافسي يجري خلف الكواليس لجيل صحفي جديد.. مبتكر.
ولكنه بطبيعة الحال والحديث هنا فقط عن المستخدم المحترف (الايجابي) للانترنيت وخاصة لمحترف المواقع الاجتماعية.. انه سيكون قادر أن يقدم تفاعلية ايجابية مع الحدث.. فهل (Julian Osang) مؤسس ومدير موقع (Wikileaks) الذي سبب متغيرات هرمية على الواقع السياسي الدولي، هو صحفي؟.. او عضو في نقابة وجمعية صحافية؟، أم إن (Mark Zuckerberg) مؤسس ومدير موقع (Facebook) وشخصية العام 2010هو صحفي؟، ام ان (وائل غنيم) مؤسس ومدير صفحة (كلنا خالد سعيد) على (Facebook تلك الصفحة التي رعت وقدمت وإدارة التغيير بمصر، هو صحفي؟.. بطبيعة الحال فالثلاثة ليسوا بصحفيين.. إنهم تقنيي كومبيوتر محترفين، ساهمت إدارتهم المميزة وتفهمهم لمتطلبات نفسية المحيط المستهدف.. بأحداث تغييرات حقيقية، كما إن النجاحات التي حققها الثلاثة موضع المثال لم تكن لتكتمل بغير وجود العديد من الصحفيين المحترفين والمتمكنين من استخدام تقنيات الإعلام الجديد (New Media).. داخل مؤسساتهم.. فمن الأخطاء الشائعة المتداولة بأن (Osang) و(Zuckerberg) و(غنيم) كانوا يديرون صفحاتهم من مواقع محدودة وبإمكانيات بسيطة جنح البعض لوصفها بالبدائية.. كلا لم يكن الوضع هكذا.. فلقد استعان هؤلاء الشباب بجملة من العقول الشابة المميزة في اختصاصات عديدة.. ويكفي أن اذكر إن مستشاري موقع (Facebook) القانونيين والمسوقين ومدراء الدعاية لهم مقر كامل كمؤسسة ويقع في دبلن بأيرلندا بشركة برأس مال فلكي.. جمع من خلال الإعلانات على الموقع.. أما غنيم فقد اعترف بأنه أدار صفحة (كلنا خالد سعيد) بالتعاون مع مجموعة شباب بآلية (Admins) أي المدراء للصفحات.. ومعظمهم صحفيين شباب ونشطاء عبر الشبكات الاجتماعية قادرين على التناغم مع جماهيرهم.. إن الإبداع ربما يخرج من رحم المأساة كما يقول الأدباء، إلا إن حملته أناس استثنائيين.. والاستثنائية هنا بما نالوه من معارف احترافية صحفية والكترونية.
وبالعودة للصحفي الكلاسيكي اليوم.. فأنة إن لم يستخدم (New Media) في عمله الصحفي إطارا فلابد أن يستخدمه ضمناً.. إنها حال من التكامل والتفاعل.
وبالتعريج للواقع العراقي حصراً.. ربما يتساءل عديدون عن الموقف المتباين من واقع الانترنيت عموماً في العراق ومن جدوى استخدامه إعلاميا بصورة خاصة، وربما إن خلفية الواقع الالكتروني في البلاد انعكست طردياً مع ضبابية الرؤيا بل وتشوهها في عدة جوانب.. فالانترنيت لم يدخل العراق إلا مطلع الألفية الجديدة وبنسبة دون المحدودة.. وبعيد التغيير في نيسان 2003 جرى انفتاح كبير لدى استخدام الانترنيت وفرته جملة عوامل أهمها الوضع الاقتصادي المنسجم تصاعديا مع هبوط ملحوظ بأسعار أجهزة الحواسيب المختلفة والتي باتت تدخل العراق بكميات كبيرة..
المستخدمون العراقيون للانترنيت وبأستهلال بسيط لمسيرة دخولهم العالم الرقمي، أو العالم الافتراضي كما يحلو لي وصفه.. ابتدئوا استكشافهم لهذا العالم عبر تصفح المواقع المختلفة وعبر خدمة (Messenger) والتي حقق البرنامج (Yahoo Messenger) أرقاما مرتفعة لدى المستخدمين العراقيين آنذاك وربما حتى الآن.. والبداية كانت عبر غرف الدردشة (Chats Room) التي تقدمها خدمة (Yahoo Messenger)، وبلا شك فأن حالة العزلة التي عاشها العراقيون قبيل نيسان 2003 جعلتهم في اشد الحاجة نحو الانفتاح والتواصل مع أناس أخريين.. مع ثقافات وأفكار أخرى، مستخدمي الانترنيت العراقيين وخاصة الشباب منهم سرعان ما اندرجوا ضمن ما يبحثون عنه او وبعبارة أدق.. سرعان ما التأموا ضمن مواقع ومنتديات تنسجم مع اهتماماتهم المختلفة.. وبطبيعة الحال فللمزايا الإبداعية التي تقدمها منتديات الانترنيت من نواحي إسهام (العضو) بتحرير الصفحات او بإضافة المواضيع والتعليق على ما يقوم به زملائه.. سيشكل دفعا معنويا له للاستمرار.. ودفعا حرفياً لتطوير استخدامه والبحث عن آفاق انضج لعالم اشتهر آنذاك بالعراق بالوصف بعبارة (البحر) لكثرة ما فيه من غياهب غير مكتشفة على المستخدم الفتي.
المنتديات ثم مواقع الكتابات والنشر الحر.. وخاصة التفاعلية منها.. سرعان ما ازدحمت بالعراقيين.. فالحوار المتمدن ذلك الموقع البسيط الذي صنعه شاب عراقي يعيش في أوربا قبيل التغيير بالعراق كصحيفة الكترونية تتبنى نشر المقالات.. سرعان ما أصبح بعد 2003 احد اشهر المواقع العربية وأكثرها كتاباً وصفحات داخلية.. ولاحقاً بات يرعى المبادرات ويضيف الوسائط والخصائص المتنوعة ليتحول منذ عاميين إلى مؤسسة متكاملة.. وكذلك تجربة عراقية غنية جديرة بالالتفات لها وهي تجربة (مركز النور) ذلك الموقع الالكتروني الذي قدمه رجل عراقي يقيم بالسويد بمعونة بعض النشطاء المثقفين من خارج وداخل العراق.. حيث استخدم الموقع آلية النشر المصنف للمواضيع لما هو عام وثقافي وللحوارات.. مع إنضاج لصيغ التفاعل بين لكتاب.. وبغضون عامين ازداد أعداد الكتاب عن الألفين كاتب وكاتبة.. وازداد معها تطور الموقع الذي انتقل لآلية عقد المؤتمرات الدورية ببغداد وصناعة الاحتفالات الثقافية وتكريم المبدعين، ومن البديهي إن هذه المواقع التي كان معظم مستخدميها هم كتاب أصلا.. إما صحفيين ممارسين او هواة او في الطريق للصحافة بالإشارة لطلبة الجامعات على سبيل المثال، إنها تجارب نجاح.. ونجحت هذه المواقع وغيرها بالمئات، بصقل مواهب هؤلاء الكتاب الشباب او المغمورين منهم وعملت على تقديم أسمائهم للقراء.. كما عملت المواقع الالكترونية على فتح باب العلاقات والتواصل بينهم وبين زملاء المهنة وسهلت على البعض إيجاد فرصاُ للعمل.. ومع نضوج النشر لدى الصحفيين الشباب المستخدمين للانترنيت وخاصة منذ العام 2006.. اتجهت معظم الصحف المحلية لنشر أعدادها ومقالات كتابها عبر مواقع للانترنيت.. وتناغمت هذه التقليعة مع دخول كم محدود من شركات الاستضافة والتصميم والدعم لمواقع الانترنيت.
أما التدوين بأستخدام مواقع الاستضافة المجانية واشهرها (Blogger) ولاحقاً (Worldpress) فربما قد تأخر نسبياً.. وعلى الرغم من كون العراق يسجل وجود مدونات قبيل 2003 لبعض مغتربيه.. بل وشهرة لمدونة صنعت داخل العراق في الأشهر الأولى من عام 2003 أي قبيل التغيير لمدون عراقي مجهول نشر مذكراته في أيام الاستعداد العراقي الرسمي والشعبي لخوض الحرب، ولأيام الحرب الأولى قبيل تعطيل التيار الكهربائي.. وبمدونة حملت تسمية (Salam Pax) وقد حرص المدون اشد الحرص على إخفاء هويته آنذاك خشية من السياسة القمعية المبالغة التي كان النظام الحاكم قبيل 2003 يستخدمها تجاه مواطنيه.. وبالعودة للتدوين في العراق في السنوات الأخيرة.. فقد تنامي مع تنامي عدد المستخدمين ومع تنامي دور المؤسسات التطويرية التي قدمت البرامج التدريبية للتدوين كوسيلة عصرية ومجانية.. كما إن حجم الحرية في الاستخدام للمدونة كان له دوره.. وبروز تجارب ناجحة لمدونات عربية مختصة بالفكر او الموسيقى او الثقافة والشعر ساهم في اتجاه العديد من الشباب العراقي نحو التدوين.
الا ان الانعطافة في الاستخدام العراقي وخاصة الصحفي منه للانترنيت.. ارتبطت بمواقع الشبكات الاجتماعية وخاصة موقع ( Facebook).. فعلى الرغم من محدودية الشهرة التي نالها موقع (Facebook) في العراق قبيل العام 2008 الا انه سرعان ما اجتاح المستخدمين العراقيين وخاصة المحترفين منهم ، كموقع للتواصل وخاصة مع ذويهم ومعارفهم من المهاجرين في مختلف الأصقاع، مع الإشارة لبلوغ معدلات الهجرة في العراق إلى معدلات قياسية بسبب التراجع الأمني والتراجع بالحريات التي تشهدها البلاد منذ العام 2004 صعوداً.
مواقع الشبكات الاجتماعية، وعلى عكس ما قد يرد بخاطر العديدين.. لم تقدم الخدمات السياسية للعراقيين فقط.. او لم تجذب المهتمين بالسياسة فقط، وربما قد تشذ هذه القاعدة مع مرحلة المظاهرات الشعبية التي انطلقت في دول المنطقة مطلع العام الحالي، إلا إن أهم ما قدمته هذه المواقع كان كسر المحظورات أو لنقل إن مواقع الشبكات الاجتماعية نجحت في عبور أمواج التابوهات الاجتماعية المعشعشة في ذهنية المواطن الموجه.. نعم أقول (الموجه) عبر ثقافة النظام او ثقافة المؤسسة التعليمية والمؤسسة الدينية بل حتى المؤسسة الأسرية، لقد قدمت المجموعات (Groups) وصفحات الإعجاب (fan Pages) المتخصصة بالفكر والحوار الإنساني والنقاشات حول متغيرات العالم المرحلية والمستقبلية.. وملفات أخرى حساسة على مجتمعنا كملفات الانتماء والتبعية والحريات والثقافة والعقائد والفكر وما إلى أخره من أبواب ظلت موصدة لعقود، لقد فتحت هذه الأبواب وبآليات نقاشية مفتوحة وحرة وجادة لا شك شابها العديد من الإشكاليات والخلافات والاتهامات.. إلا إنها بقيت تدور خلف شاشات الكومبيوتر ولم تنتقل صراعاً على الأرض.. نعم لقد ساهمت خصال التفاعلية المتنامية على مواقع الشبكات الاجتماعية.. بخلق أرضية أخصب وأوفر قدرة على النقاش البناء وعلى احترام الرأي والمحاجاة العقلية.. وبالتالي كان اهم المتحاورين والمتناقشين والباحثين عن الحقائق هم من الصحفيين ومن أصحاب القضايا وحملة الفكر.. مما عمق من إحساسهم بضرورة وقيمة الإعلام الجديد لنمو ذهنيتهم ولتقدم عملهم.. فضلاً عن هبة جوهرية غير مشعورة آنيا وهي تقديم ثقافة الحوار على ثقافة الفرض.
ولا يختلف اثنان بأن حمى موسم التغيير العربي وما رافقها من مظاهرات شعبية عمت بغداد والمدن العراقية الأخرى.. تزامنت مع نمو كمي ولا اقر بأنه نوع لدى مستخدمي (Facebook) العراقيين، الذين تسجل اخر الإحصائيات الرسمية بأنهم باتوا يقتربون من الستمائة وخمسين ألف مستخدم من داخل العراق.. فضلاً عن عدد آخر غير محدد من العراقيين المستخدمين من الخارج.
وان كان (Facebook) يحقق نمواً ملحوظاً.. فلازال العديد من خبراء الإعلام الجديد (New Media) يتساءلون عن موقع ( Twitter) وغرابة أفول نجم هذا الموقع في العراق.. في حين إني أجد إن إجابة هذا السؤال تحديداً، قادرة أن توفر لنا رؤية مبسطة لواقع الإعلام التدويني في العراق.. فكما يعلم المختصون بأن ( Twitter) كموقع تدويني يقدم تدوينته عبر نص مختصر يحدد عدد الاحرف المستخدمة بمائة وأربعين حرفاً.. ويوجه للبحث والتواصل عبر دوال بحثية بالإشارة لعلامات الهاش (#) وآلات (@) وما إلى اخره من دوال ومن مواقع مساندة، ان عزوف العراقيين عن (Twitter) ينبع من جهل بخصائص الموقع، واحترافية مضافة لاستخدامه لا تلبي البساطة التي يقدمها ( Facebook).. كما ان الميل الصحفي الذي يلف (twitter) لم يغري العديد من الهواة.. وتبقى ان محدودية عدد المستخدمين العراقيين للموقع إشارة إلى ان المستخدم العراقي الغير والشبه محترف لا يغريه إلا الموقع الذي تتوفر فيه ارضية مسبقة من المستخدمين.. انه يرغب بمواقع يعلم عنها لا يحبذ الجديد لأنه يجهله وليس لأنه لا يهوى الجديد.
أجد في خلاصة هذا البحث القصير والذي أعددته على عجالة.. بأن المستقبل القريب سيوجه ذاتياً مجمل المؤسسات الإعلامية نحو استخدام ( New Media) لا لدعم مؤسساتها فقط بل لتطوير كوادرها.. وللخوض ضمن المسار العالمي القائم في مجال الإعلام، كما لابد من تعميق التعاون بين المؤسسات الإعلامية العاملة والمؤسسات الإعلامية المطورة.. خاصة مع إشادة أجدها مهمة لبعض المؤسسات والمعاهد والجهات التي قدمت نزراً يسيراً ولكنه مفيداً على كل حال من المنفعة التطويرية لمستخدمي التدوين.. رعاة الإعلام الجديد من مؤسسات واخص بالذكر الأممية منها كاليونسكو (UNESCO)، وغير الأممية واذكر منها أنشطها (IREX) ومعاهد التطوير الإعلامي.. كمعهد صحافة الحرب والسلام (IWPR) والمؤسسات الإعلامية المختلفة.. التي اهتمت بملف الإعلام الجديد (New Media).. مجمل هذه المؤسسات مطالبة بتطوير برامجها التدريبية للإعلاميين خصوصاً.. بل إني انصح بأجراء امتحانات ختامية للدورات للتأكد من استفادة الجميع وإلمامهم بالوسائل العصرية التي بات الإعلام الجديد غير قادر على العمل بمعزل عنها.. كما أجد إن الجهات المذكورة أعلاه مطالبة بشرح السقف العالي من الخدمات التي من الممكن تقديمها عبر مواقع الشبكات الاجتماعية كالدعوة للحملات وطرح القضايا واستبيانات الرأي، وهنا لابد من الانتباه بأن التدوين ليس إخباريا فحسب.. بل من الممكن ان يكون قضية، فالعديد من قضايا الدعم للحريات والعديد من حملات التوعية الفكرية وجدت في اطار تدوينات محدودة عبر المدونات المجانية او (Facebook) او ( Twitter)، وان كان للقضايا مزاياها الفكرية فلعلي أجد بالعودة لمزايا الحوار التي خلفها التحاور الدائم والنقاشات المعمقة والمهذبة بين المستخدمين.. فبمتابعة دقيقة استشف إن معظم إن لم يكن جميع صفحات (Facebook) الفاعلة وشخصيات (Facebook) الفاعلين يدعون للسلام ولنبذ الطائفية ولإذابة الجليد بين المختلفين كما إن معظم نشطاء (Facebook) في الصفحات الفكرية يدعون لتسامي لغة الحوار الهادف غير المتشنج.. بالتالي نحن أمام تطور في أخلاقيات الحوار.. وفي مرحلة تؤمه بين مهنية الصحافة وتقنية الالكترونيات.. إنها لغة العالم الجديد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم