وداعاً لزمن الجامعات التقليدية .. أسس جامعتك الرقمية بنفسك .. قصة شاب الماني ترك كلية الحقوق وأسس جامعة للتدوين

فجأة أصبح الطالب الألماني «بن باول» (Ben Paul) «أشهر تارك لجامعته في ألمانيا»؛ حين أسَّس «بِن» مدونة «ضد الجامعة ANTI-UNI» وراح يروّج فيها لأفكاره «الثورية»؛ للدراسة دون الاعتماد على الجامعات التقليدية «المملة»، وأسَّس «جامعته» الخاصّة، التي أطلق عليها اسم «جامعة التدوين BloggingUniversity» ويقوم فيها بمنح الطلاب «بكالوريوس» في التدوين الاحترافي، يتدربون من خلاله على كسب المال، من خلال التدوين، والعمل الحُر على الإنترنت.



من دراسة القانون الى التدوين:
كان بن بول يدرس المحاماة في جامعة هامبورغ للحقوق، وهي واحدة من أفضل جامعات القانون في مدينة هامبورغ الألمانية، وقد اختار المحاماة؛ لأنه اعتقد أنها الأنسب له، ولكن بعد انخراطه في الحياة الجامعية، بدأ يشك في ذلك، خصوصًا وأنه كان يقضي فيها جُل وقته يوميًا، من الثامنة صباحًا حتى الحادية عشرة قبل منتصف الليل، متنقلًا بين أروقتها، تارة في محاضرة، وتارة في موعد مع أستاذ، وأخرى في ندوة أكاديمية. كُل ذلك، وهو لا يشعر بالارتياح بتاتًا، مع أنه كان يدرس بمنحة للمتفوقين.

كيف ترك الجامعة؟
بعد عام واحد فقط، قرر «بِن باول» أن يخرج سنة؛ «استراحة» من الجامعة، وسافر إلى نيكارغوا، حتى يخرج من كُل الضغوط النفسية التي كانت ترهقه، وابتعد عن كُل المحيطين به؛ أملًا في التحرر من أي ضغوط خارجيّة يمكن أن تؤثر على قراره بترك جامعة «فاخرة» كهذه؛ يُحاضر فيها كبار الحقوقيين والسياسيين الألمان، هذا غير ضغوط والديه؛ فوالده مُحامٍ، ولا يُريد لابن أن يعيش بلا «لقب جامعي». كُل هذا، وغيره لم يعد مهمًا بالنسبة لـ«بِن»؛ فالألقاب والأسماء البراقة، وحتى المال ليس الأهم، فالمهم، بالنسبة له، هو أن تتأمَّل عملك قبل أن تخلد للنوم، فتجد يُعطي معنى لحياتك، وقد قرر ترك الجامعة؛ لأنها لم تكن تحمل معنى بالنسبة له، هي كانت تُوهمه بالعيش بـأمان، وكسب الكثير من المال لاحقًا.

منهجه الدراسي بعد ترك الجامعة:
يقرأ «بن» حوالي 100 صفحة يوميًا، ويعتمد بشكل أساسي على الكُتب الانجليزية، ويعتبرها مُحاضراته، أما رواد الأعمال والأغنياء الذين صنعوا ثرواتهم بأنفسهم هم أساتذته، بالإضافة إلى ذلك، فهو يزور «الورش» التدريبية في المجالات التي تثير اهتماماته، كما أنه يشترك في دورات على الإنترنت من فترة إلى أخرى كتلك التي تتاح على مواقع، مثل iversity.org أو creativelive.com، وبالإضافة إلى كُل ما ذكر، يعتبر «بن» السفر أستاذًا من أساتذته، ووسيلة مهمة من وسائلته التي يعتمدها في التعلم الذاتي.
الحقيقة أن «بِن لم يخترع شيئًا جديدًا، فهو يعتبر نفسه Education hacker مثله مثل كثيرين من أنصار الحراك الذي انطلق في أمريكا داعيًا الشباب إلى العزوف عن الجامعات، والانطلاق للدراسة الذاتية، كبديل للمؤسسات التعليمية التقليدية، كما نرى في موقع uncollege.org الذي يقدم المعرفة اللازمة لدخول هذا المجال، من خلال سنة تحضيرية يدرس فيه الطالب مقررًا يُعلمه كيف يتعلم بشكل ذاتي واحترافي، وقد حظي الموقع بشهرة واسعة، تمامًا كما حظي كتاب Hacking Your Education الذي قام بتأليفه مؤسس الموقع «دِل ستيفان» ويتحدث فيه عن تجربة التعلم الذاتي بشكل أعمق.

كيف تحصل على الدكتوراه من جامعة بِن الذي لم يكمل دراسته الجامعية؟
تُعتبر «جامعة التدوين BloggingUniversity» من أهم المنصات الأليكترونية التي تُمكن من يرغب بالعمل في مجال التدوين والعمل الحُر على الإنترنت من تعلّم «فن الصنعة»، حتى لو لم تكن لديه أدنى خبرة في التدوين، كُل ما عليه أن يُسجل في نظام «بكالوريوس»، والذي يحتوي على ثماني وحدات دراسية، في كُل وحدة توجد فيها مواد مُختلفة في مجالات متعددة، من أسس التعامل مع الفشل إلى الأمور التقنية والأدوات اللازمة لاحتراف التدوين، إلى الربح من التدوين، وانتهاءً بإعداد خطّة استراتيجية للنجاح على المدى البعيد.
بحوالي 250 يورو فقط، يُمكن للطالب أن يحصل على لقب البكالوريوس في التدوين في جامعة «بن بأول»، ولكن المثير أكثر أن «بن باول» نفسه ليس معه درجة بكالوريوس من أية جامعة، وفوق ذلك فهو يقدم في جامعته إمكانية الحصول على ماجستير في التدوين، من خلال 12 مُحاضرة، هي عبارة عن خلاصة مقابلات مع مدونين محترفين، وهي عصارة خبرتهم، وكُل ما بحوزتهم من نصائح، قد تُمكن المبتدئين من الاستفادة من التدوين كمصدر دخل، وقد قال «بِن باول» لـ«ساسة بوست»، إن 200 طالبًا قد حصلوا على «البكالوريوس» من جامعته.
ولكن ماذا عن الدكتوراة في التدوين؟ الدكتوراة تكلف حوالي 750 يورو، ولا تحتاج إلى 5 أعوام من البحث المضني، كما هو الحال في معظم الجامعات، كما لا تحتاج كتابة رسالة دكتوراة تستنزف الطالب؛ ففي جامعة «بن بأول» الأمر أسهل بكثير؛ فالحصول على الدكتوراة لا يتطلب إلا لقاء شخصيًا مع «بن باول»، لمدة 90 دقيقة فقط!
للأسف، فإن «جامعة بن» تعتمد اللغة الألمانية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم